مع انتشار وسائل الإعلام الاجتماعيّة مثل فيسبوك، تويتر وغيرهما، أصبحت هذه المنصّات- لمعظم الأشخاص- أداة لتوليد المحتوى وإبداء الرأي ، وشكّلت نافذة جديدة للإعلاميين والصّحفيين، وغيرهم من المشاهير، لإبداء رأيهم بالأحداث الرّاهنة، بالإضافة إلى نشر آرائهم، وقياس ردّات فعل الجّمهور عليها.
يتفاعل متابعو كلّ صفحة مع المنشورات الواردة فيها، سواء بالإعجاب، التعليق، أو المشاركة. يبدو الأمر للوهلة الأولى مفيداً، فالإعلاميون والمشاهير لديهم القدرة على معرفة رأي عدد هائل من المتابعين أو المعجبين بما يكتبونه. بعبارةٍ أخرى، لديهم القدرة على سبر رأي النّاس إذا كان ذلك يهمّهم.
بدايةً، لنتساءل: لِمَ نكتب أصلاً عبر وسائل التّواصل الاجتماعي، ولِم نعبّر عن رأينا بكثرة هذه الأيام، ونتحدث عن أنفسنا؟ تشير الدّراسات إلى أنّنا في العادة نكرّس ما بين حوالي أربعين بالمئة من أحاديثنا في الحياة العاديّة للتّكلّم عن أنفسنا. ولكن الأمر يختلف تماماً عندما نتواجد على صفحاتنا الشّخصيّة ضمن مواقع التّواصل الاجتماعي، إذ يرتفع هذا الرقم إلى ثمانين بالمئة، و يعود السّبب في ذلك إلى أننا حين نتحدّث وجهاً لوجه، قد نرتبك، ولا نملك الوقت الكافي لنفكر فيما نقول، كما أنه علينا أن نقرأ تعابير الشّخص الآخر، وحركات جسده، واستنتاج ردّات فعله. أمّا على صفحاتنا الشّخصيّة فنحن نملك كل الوقت للتّفكير، ولصياغة ما نكتب، ونستطيع تعديله عدّة مرّات، لنقدّم أنفسنا بالصّورة التي نريد إظهارها للآخرين.
جرّب أن تعود لما كتبته سابقاً ضمن صفحتك على فيسبوك، وأن تراقب الإعجابات والتّعليقات التي حصلت عليها، لا شكّ أنك ستشعر بالنّشوة، وستشعر بتقدير نفسك، وبالإعجاب بما كتبته.
دعونا ندخل أكثر في فهم ما يحدث داخل دماغك، وما الذي يفرزه الدّماغ عند إعجاب الآخرين بما تكتب؟ وكيف يجعلك ذلك مدمناً لا إراديّاً عليها؟ تشير الدّراسات إلى أنّ الاستخدام المستمر لمواقع التّواصل الاجتماعيّ سيؤدي إلى إدمانها، والاستمرار بالدّخول عليها.
كم مرّة حاولت أن تبتعد عن حسابك الشّخصي في فيسبوك أو تويتر؟ وانتهى بك الأمر أمام شاشة الحاسوب تتصفح أحدهما. ألم تتساءل ما هو السّر، لِم من الصّعوبة أن نقلع عن استخدامهما؟ يعتقد العلماء أنّ المتّهمَين الأساسيَين هما مادتا الدّوبامين والإكسوتوسين اللّتان يفرزهما الدّماغ، ولنلقي نظرة عن قرب عليهما.
هو مادة الدّوبامين الّتي يفرزها الدّماغ عند الشّعور بالسّعادة والمتعة، ليس هذا فحسب، إنّما هي المادة المسؤولة أيضاً عن خلق الرّغبة والدّافع، وبسبب الدّوبامين فنحن نسعى ونرغب ونبحث. يتمّ تحفيز إفراز الدّوبامين عن طريق المفاجآت، المعلومات الصّغيرة، تقدير الآخرين لك، حصولك على جائزة ما، أو ليس هذا ما نجده في فيسبوك وتويتر؟
من المعلومات الصغيرة التي تأتي عن طريق تغريدات سريعة، إلى تقدير الآخرين السّريع من حيث الإعجاب بما كتبت والتعليق على ما كتبت، ونهايةً بالحصول على جائزة من خلال مشاركة الآخرين ما تكتبه. بعبارة أخرى، كلّما احتاج الدّماغ للدّوبامين سيجد نفسه لا إرادياً يتّجه إلى فيسبوك، لكتابة منشور، والحصول على التّقدير من الآخرين، ومن ثم زيادة إفراز الدّوبامين، والشّعور بالسّعادة والنّشوة. إنّ جرعة الدّوبامين الّتي يتمّ إفرازها في الدّماغ أثناء استخدامنا لشبكات التواصل الاجتماعيّ تجعل الإقلاع عنها أصعب من الإقلاع عن التّدخين، أو حتى عن المشروبات الكحوليّة.
فهو مادة الأوكسيتوسين، الّتي يتمّ إفرازها في حالة الحبّ، كما أنّه يسمّى أيضاً “هرمون العناق”، وذلك لأنّه يتمّ إفرازه عندما نعانق أو نقبّل أحداً ما، أو حتّى عندما نكتب تغريدة على تويتر. تشير إحدى الدّراسات إلى أنّ استخدامنا للشّبكات الاجتماعيّة لمدة عشر دقائق يرفع مستوى الأوكسيتوسين بنسبة تزيد عن 10 بالمئة، ولتخيّل ذلك، هذا يعادل نفس الارتفاع الذي يحصل عند بعض الأشخاص في يوم زفافهم.
لفهم ذلك أكثر، تخيّل نفسك تتصفح فيسبوك مساءً: مشاعرك هادئة، تشعر بالطمأنينة، تتعاطف مع منشور أحدهم، تضع له إعجاباً تقديراً له، تشارك لآخر منشوراً لم تقرأه، لأنك معجب بشخصيته لا بمحتوى المنشور. تشعر بأنّ النّاس جديرون بالثقة، ولربما تصدّق ما يكتبون دون تدقيق أو تمحيص. حسناً، هذا كله بسبب ارتفاع الأوكسيتوسين لديك. إذ تشير دراسة أخرى إلى أنّ مستخدمي الشبكات الاجتماعية يثقون بالنّاس أكثر من غيرهم، على الأقل هذا ينطبق على حوالي نصف مستخدميّ فيسبوك.
مما سبق، ومع زيادة إفراز الدّوبامين والأوكسيتوسين، نحن نقع لاإرادياً في فخّ كتابة المنشورات التي تتوافق مع ما يطلبه الجّمهور. نحن نكتب الآراء التي تتوافق مع آراء الجمهور الذي يقوم بمتابعتنا، لأن موافقة رأي المتابعين والجمهور تعني أنّ تزيد الإعجابات والتّعليقات والمشاركات، ممّا يعني زيادة في الدّوبامين، وشعوراً أكبراً بالسّعادة والّنشوة.
وبرأيي أنّ المشكلة تتفاقم، كلما أدمنّا هذا الشعور، إذ يصبح من الصّعب التخلّي عنه. جرّب مرة أن تبدي رأيك، وأن لا ينال التّقدير أو الإعجاب من الآخرين، وأن لا يؤدي إلى رفع الدّوبامين في جسمك، ستشعر بشعور غريب يشبه شعور مدمن المخدّرات الذي يشعر بحكّة بسبب تأخّر الجّرعة. ما سيحدث لاحقاً، سيتخلى الشخص لاإراديّاً عن إبداء رأيه الحقيقي، حتى لو كان يعتقد أنه مصيب ومحق به، وسيكتب ما يطلبه الجّمهور.
ولكن هل يمكن تجنّب ذلك؟ برأيي الشّخصيّ أنه عندما تريد رفع الدّوبامين لديك، انشر صورة شخصية لك، أو صورة لك في مؤتمر ما، أو صورة لإنجاز ما حققته، عندها ستحصل على عدد كبير من الإعجابات، وسترفع الدّوبامين بأمان.
أزعم أنّ ذلك أفضل بألف مرّة من كتابة ما يطلبه الجّمهور، لأنّك إن وقعت في هذه الحفرة فلن تخرج منها بسهولة. وبالتأكيد يمكنك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في العديد من المهام المفيدة ومنها التسويق الإلكتروني.
لذا كنت من المهتمين بمجال التسويق يمكنك قراءة:أدوات التسويق الإلكتروني الأكثر استخداماً
ما هي أبرز أنواع التسويق الإلكتروني الناجح؟
تعرف على أهم 3 فروقات جوهرية بين التسويق التقليدي والتسويق الإلكتروني الحديث
كما يمكنك الآن الاستفاة من واتساب 2021 في عملية التسويق الإلكتروني بنجاح والوصول للعملاء المحتملين عبر الحصول على حساب تجريبي لتجربة هذه الخدمات الرائعة خدمة الرسائل القصيرة ، و هاي واتس اب.