عند ذكر كلمة تعلّم، يتبادر إلى الأذهان في الحال مشهدٌ تقليديٌّ ألفناه جميعًا منذ بداية رحلتنا التعليميّة، فنجد أنفسنا في قاعةٍ صفّيةٍ، وأمامنا لوح يقف أمامه المُدرّس، ليكون هذا الُمدرِّس هو المحور الأساسي في العمليَّة التّعليميّة (الفاعل) ويقوم بدور المُلقّن للمعلومات، ويكون الطَّالب هو المتلقِّي، والتركيز يكون بالتالي على التعليم. حتى أن تسمية الوزارات، والمؤسَّسات، والهيئات المسؤولة عن العمليَّة التّعليمية في مختلف البلاد العربية، كرّست هذا المفهوم.
ومع التَّطور الكبير في الأدوات المستخدمة في العمليّة التّعليميّة، وخصوصًا الرّقمية منها، وبعد تصاعد الأصوات المطالبة بالإصلاح الجذري في قطاع التّعليم الذي لم يطرأ عليه أي تغيير يُذكر في طرق توصيل المعلومة خلال القرن الماضي، بالإضافة إلى تنامي دور الطالب، والحاجة لإحاطته ببيئةٍ حاضنةٍ للإبداع والابتكار، تمَّ تطوير العديد من الأساليب الجديدة للتعليم.
تعتمد هذه الأساليب على التفاعل مع الطالب باعتباره جزءًا متفاعلًا مع المادَّة التّعليميَّة، بطريقة تعتمد على التّشاركيّة بين المُعلِّم، والمُتعلِّم، ثمَّ تطوَّر الأمر للتركيز على الطَّالب بكونه هو محور العمليَّة، وهو الفاعل فيها الذي يقود العملية فبدأ المصطلح المُستخدم والتطبيق يتغير من التَّعليم إلى التعلُّم.
أقرأ أيضًا: أهم 5 نقاط لتجنب ضياع الوقت
غالبًا في التعلُّم يكون الطَّالب هو الفاعل بهذه العمليِّة، بينما في التَّعليم الالكتروني يكون المعلّم هو الفاعل فيها، والطّالب يتلقّى المعلومات دون أي مشاركةٍ حقيقيّة. نلاحظ بشكلٍ واضحٍ وجليٍّ في مدارسنا، وفي جامعاتنا أيضًا كيف يطغى التَّعليم على التعلُّم.
بدأت طريقة التَّدريس هذه بالتّغيير قبل بُروز أهميَّة التَّعليم الإلكترونيِّ وهي طُرقٌ تُركِّز على الطّالب نفسه أن يكون هو الفاعل، وهو الباحث عن المعلومة، وبذلك يتحوَّل دور المعلِّم لُيسهِّل الوصولّ إلى المعلومة، ويكون الطَّالب هو الأساس، فمن الضّروريِّ التَّفريق بين هذين المصطلحين، فالتَّعليم الإلكتروني ركَّز على الطَّالب أكثر بسبب طبيعته، حيث يكون الطالب صاحب المبادرة في البحث، وفي التعلُّم، والبحث عن مصادر المعلومات، والتأكّد من دقّتها، ومشاهدة مقاطع الفيديو التّعليمية، والجلسات المباشرة، والدخول إلى حسابه على نظام إدارة التَّعلم الخاص بالمؤسَّسة، وهو من سيُنجز الواجبات المقرَّرة عليه، وسيحاور أساتذته، وبذلك يتحوَّل دور أستاذه إلى مُيسِّرٍ، ومُرشدٍ للعملية التَّعليميَّة.
إنَّ الوجود الزَّمني ل التّعليم الإلكتروني يُعتبر حديثًا نسبيًّا، فبدايته كانت مع أقراص الكاسيتات، والأقراص الـمضغوطة CD، ومع بداية الثَّورة الرَّقميَّة أصبح عندنا أشكالٌ متنوّعة للتعلّم الإلكترونيِّ، فتقريبًا مع نهاية العقد الأول من هذا القرن، وبداية العقد الثّاني ، وتزامنه مع بداية فكرة المساقات المفتوحة، وانتشار منصَّات التَّعليم الإلكتروني، ارتفع معدّلُ الإقبال على البرامج الأكاديميَّة الموجودة فيها، لأنّها متنوعّة، وشاملة، ويمكنها أن تغطي أيّ اختصاصٍ تريد أن تتعلَّمه، وتتدَّرب عليه، والأمثلة عليها كثيرة، هنالك المنصّات غير العربيّة.
ولكنّها قد تقدّم مساقاتٍ تعليميّةٍ قد تحتوي على ترجمة للّغةِ العربيّة مثل Coursera مثلًا، كما يوجد عددٌ لا بأس به من المنصّات العربيّة الموثوقة، والتي تقدّم مساقاتٍ تعتمد على مناهجَ أكاديميّة، وبعضها له شراكات مع جامعاتٍ كبيرة، وبعضها الآخر مع مؤسّساتٍ تعليميّة، ومهنيّة رائدة مع Google على سبيل المثال، وتُعتبر منصّة “نيوفيرستي” نموذجاً رائداً وفريداً في تقديم التعليم الالكتروني التفاعلي.
إنّ التعلم الذّاتي، أو التعلم الإلكترونيّ اليوم هو أداةٌ عظيمةٌ بين يدينا، يُمكننا تطويرها، ويُمكننا أن نطوِّر أنفسنا من خلالها من أجل الحصول على فرصةِ عملٍ أفضل لنا من شأنها أن تساعدنا في زيادة الدَّخل. وقبل وجود التّعليم الإلكتروني كان هناك صعوبةٌ بالوصول إلى الدّورات، وإلى البرامج التي تُقدم، وكان الطّالب يجد صعوبةً في التأكّد من صحّة المعلومات، وفي البحث عن مصادرها، ولكن مع التطوّر التّقنيِّ الكبير أصبح الأمرُ أسهلًا، ومتوافرًا للجميع، ولم يعد ترفًا، أو خيارًا ثانويًا. وأعطى هذا النّوع من التّعليم مرونةً أكثر بالوصول إلى المعلومات، فأصبح متاحًا لنا في أي مكانٍ نكون فيه، وأيضًا في أي وقت نُحبُّ.
اليوم وبعد جائحة الكوفيد-19 تفتّحت الأذهان إلى أهميّته، وكيف يجب أن يكون للطالب عادة التّعلُّم الذّاتيّ، وقدّمت دافعاً للاهتمامِ به، فخلال فترةٍ قصيرةٍ جدًا أُجبرتْ المؤسَّسات التّعليميَّة في أغلب دول العالم على الانتقال من التّعليم التقليدي إلى التّعليم الإلكتروني، وارتفع الطَّلب لمعرفة آليَّة عمل هذا النوع من التّعليم. ويُعتقد أنه بعد جائحة الكوفيد-19 لن تعودَ الأمور كما كانت من قبل، فالتّعليم الإلكتروني سيأخذ حيزًا أكبر في التّعليم، وأنا هنا لا أقول أنَّ التّعليمَ الإلكترونيِّ بديلٌ عن التَّقليديِّ، ولكنّه رديفٌ، ومساعدٌ، ويوفِّر الكثير من الأمور.
إذا كنتَ طالبًا في الجامعة سيصبح التّعليم الالكتروني النمط العادي الجديد في حياتك الجامعية، حيث سيتحول جزءٌ من التّعليم إلى النمط الرقمي والذي ربما سيكون أكثر كفاءة ويساعدك في الوصول للمعلومة ومراجعتها بشكل أسهل. وإذا كنت طالب مهارات، والتي أصبحت تُلقّب بعملة العَصر ، فكلُّ شخصٍ يطمحُ أن يزيدَ من قدراته التَّنافسية من أجل عمل جديد أو ترقية في عمل. والتعلم الالكتروني اليوم هو أهم وأسرع وأسهل أداة لتحقيق ذلك. أما بالنسبة للآباء والأمّهات أمسى من الضّروريّ عليهم أن يكونَ لديهم فكرة إلى حد ما عن كيفية التعليم الالكتروني كي يكونوا قادرين على مساعدة أولادهم والحفاظ على أمنهم الرقمي.
أمَّا بالنّسبة إلى من يُقدّم المعلومة مثل المعلِّم، أو الخبير في مهاراتٍ معيّنةٍ فسيكون النمط الرقمي من التعليم جزءاً من مستقبلهم المهني فيمكنهم أن يقدموا خدماتهم التعليمية والتدريبية باستخدام تقنيات التعليم الالكتروني والوصول لآلاف الطلاب في مختلف أنحاء العالم. لذا يجب على كلِّ شخصٍ حسب موقعه إن كانَ موظفًّا، أو طالبًا أو رائد أعمالٍ أن يعرف أساسيات مجال التعلم والتَّعليم الالكتروني في الحدِّ الأدنى.
بالنسبة للتعلُّم فهو يُستخدم للتَّطوير الشَّخصيّ، والتعّلم المستمر، والتَّطوير المهنيِّ، وبالنسبة ل التَّعليم الالكتروني يمكننا ايصال المهارات، والتّدريبات لآلاف النّاس من خلال محتوى توعويّ مفيد، ومن خلاله يُمكننا أيضًا زيادة الدَّخل، وتحسين الوضع المعيشيِّ ورفع المكانة المجتمعية.
اقرأ أيضًا : تعرف على “قانون باركنسون” الذي يفسر سبب تأجيلنا للعمل
وإذا كنت من المهتمين بمجال التسويق يمكنك قراءة:أدوات التسويق الإلكتروني الأكثر استخداماً
ما هي أبرز أنواع التسويق الإلكتروني الناجح؟
تعرف على أهم 3 فروقات جوهرية بين التسويق التقليدي والتسويق الإلكتروني الحديث
كما يمكنك الآن الاستفاة من واتساب 2021 في عملية التسويق الإلكتروني بنجاح والوصول للعملاء المحتملين عبر الحصول على حساب تجريبي لتجربة هذه الخدمات الرائعة خدمة الرسائل القصيرة ، و هاي واتس اب.
Newideas تحقق لك النجاح في التسويق والتواصل مع العملاء